تعرف على النظرية الكمية أو فيزياء الكم .. النظرية التي حيرت علماء الفيزياء وغيرت نظرتنا للعالم المادي وكشفت حقائق علمية رهيبة وجنونية تعارض قواعد المنطق نفسه !
شرح شامل ومبسط لنظرية ميكانيكا الكم
شرح شامل ومبسط لنظرية ميكانيكا الكم
Quantum mechanics
يقول ستيفن هوكينع احد اشهر علماء الفيزياء على مستوى العالم ، يقول أن "اعظم انجازين عملهم العقل البشري في القرن العشرين هما نظرية النسبيةلآينشين ونظرية الكم !"
ببساطة الفيزياء تنقسم الى قسمين:
الفيزياء الكلاسيكية: وهي التي تدرس وتفسر حركة وتصرفات الاجسام الكبيرة (Macro particles) مثل: الجزيئات المادية والأحجار وأجسامنا والسيارات والسفن وايضا الكواكب والنجوم والمجرات .... إلخ يعني جميع الاجسام التي حجمها أكبر من حجم الذرة .
ولكن علماء الفيزياء وجدو أن قوانين الفيزياءهذه لا تنطبق على الجسيمات دون ذرية مثل البروتونات والنيوترونات والإلكترونات وغيرها .. ووجدو أن تلك القوانين عاجزة عن تفسير مختلف الظواهر الطبيعية التي تحدث في هذا العالم دون ذري او (Micro particles) فبدأ العلماء بطرح مجموعة من الفرضيات واختبارها على الجسيمات التحت ذريةالى أن توصولو الى نظرية شاملة تدرس وتفسر تلك الظواهر اعتمادا على قوانين مختلفة تماما لقوانين الفيزياء الكلاسيكية بل ومخالفة للمنطق والمباديء العقلية احيانا وأسموها النظرية الكمية أو ميكانيكا الكم ومن هنا جاءت فيزياء جديدة مختلفة تماما عن الفيزياء الكلاسيكية وهي فيزياء الكم (Quantum Physics) .
فيزياء الكم: وهي التي تدرس وتفسر حركة وتصرفات الجسيمات الدقيقة مثل: البروتونات والنيوترونات والإلكترونات والكوكات يعني جميع الاجسام التي حجمها أصغر من حجم الذرة .
وقبل ان ننطلق اعزائي في شرح وتبسيط هذه النظرية احب أن أؤكد أن ميكانيكا الكم او فيزياء الكم أو النظرية الكميةهي مجرد نظرية علمية لأنه ولحد الآن لم تستطع نظرية الكم تفسير كل الظواهر التي حدثت وتحدث في العالم تحت ذري فهي لحد الآن تفشل في تفسير بعض الظواهر لذلك فهي مجرد نظرية ولم ترتقي بعد الى أن تكون حقيقة علمية ، ولكنها طبعا نظرية قوية جدا وتفسر اشياء كثيرة جدا وبطرق أغرب من الخيال كما سنرى .
يقول نيلسبور: "أن اي شخص لم تصدمه النظرية الكمية فهو لم يفهمها بعد"
لذلك أقول لكم من البداية اذا قرأت هذا المقال ولم تشعر أنك مندهش او مصدوم فعليك اعادة قراءته بتمعن لأنك لم تفهم النظرية بعد .. والآن الى التفاصيل
يمكننا بإختصار تعريف ميكانيكا الكم على أنها تأثير الوعي على عملية الرصد !
تعريف غريب جدا ولكن سوف نفهم معناه خطوة خطوة وحينها نعرف مدى دقة هذا التعريف العجيب ..
سنبدأ شرح النظرية مع تجربة علمية تعتبر من أهم التجارب التي بنيت عليها ميكانيكا الكم وهي تجربة الشق المزدوج .
شرح تجربة الشق المزدوج (Double Slit) :
شرح تجربة الشق المزدوج (Double Slit) :
هذه التجربة قام بها العالم كلاود جانسون من اجل معرفة سلوك الإلكترونات والتي هي جسيمات أو particles (يعني مثل حبات الرمل) هل هي دائما تتصرف كجسيمات ام انها يمكن ان تتصرف كموجات او waves(يعني مثل أمواج الصوت او امواج البحر) ولكي ابسط هذا المفهوم دعونا نعطي مثال بسيط قبل ان نستكمل شرح التجربة .. تصورو معي ان لدينا كرات صغيرة نقوم برميها على جدار به فتحتان بحيث يمكن لكل فتحة تمرير كرة واحدة فقط في كل رمية ومن خلف الفتحتين لدينا جدار حساس بحيث لو دخلت أي كرة من أي فتحة لابد أن تضرب في هذا الجدار وتترك اثر عليه (على شكل نقطة) وبالتالي اذا قمنا برمي الكرات بإتجاه الشقين او الفتحتين فأنه سوف يرتسم على الجدار الخلفي خطان عموديان من النقاط من أثر ضربات الكرات وهذا ما يحدث بالفعل في حالة الكرات (الجسيمات) وهذا القانون سارا على كل الجسيمات (particles) فهو ظاهرة طبيعية جدا ، بينما في حالة قيامنا بنفس التجربة على الأمواج (waves) ولتكن مثلا امواج الماء فنقوم بدفع الامواج لكي تخرج من الشقين وتضرب في الجدار فهنا سوف يظهر لنا على الجدار مجموعة من الخطوط العمودية من أثر ضربات الامواج لأن كل موجه كما تعلمون لديها ذروة وهذه الذروة تمثل قوة الموجة (بحيث لو لمست الجدار تترك أثرا عليه) ولكن لأن هناك شقين فإن الامواج التي ستخرج من كل شق سوف يحدث لها تداخل (تكامل وهدم) وبالتالي كل موجه تدخل من الشقين سوف يتولد عنها عدة موجات بسبب ظاهرة التداخل الموجي وبالتالي سوف تضرب هذه الامواج على الجدار وتترك كل موجة أثرها على الجدار في شكل خط عمودي وبالتالي سوف يظهر لدينا على الجدار مجموعة من الخطوط العمودية المتوازية وهذا القانون سار على كل الامواج فهو ظاهرة طبيعية جدا بسبب خصائص الامواج .
والآن نعود لتجربة كلاود جانسون والتي قام فيها بتطبيق نفس هذه التجربة على الإلكترونات:
نفس الشي لدينا جدار به شق مزدوج ومن خلفه شاشة تسجيل (شاشة تظهر أثر الالكترون عند سقوطه عليها) ولدينا جهاز يقوم بقذف الالكترونات بإتجاه الشق المزدوج وطبعا كلنا نعلم ان الالكترونات هي جسيمات مادية(مثل الكرات) وبالتالي النتيجة المتوقعة في كل الاحوال هي أن تسجل لنا الشاشة خطان عموديان من أثر سقوط الالكترونات الداخلة من الشقين عليها .. ولكن النتيجة كانت أغرب من الخيال ، وشاهدو ماذا حدث من خلال هذا الفيديو الرائع الذي يشرح التجربة:
القانون المستخلص من التجربة: في حالة دخول إلكترون عبر شق مزدوج بدون رصد فسوف يشكل لنا حالة تداخل (دالة موجية) على الشاشة ، بينما إذا قمنا برصد هذا الإلكترون الداخل عبر شق مزدوج فإنه سوف يتجسد في شكل جسيم ويترك أثره في شكل نقطة على الشاشة .
إذاً رصد الإلكترونات جعل دالتها الموجية تنهارأي أن عملية رصد الالكترون حولت الالكترون من موجات الى جسيمات !
او بعبارة ادق عملية مراقبة الالكترون جعلته يتخذ سلوكاً واحداً فقط من بين كل الاحتمالات التي كان يسلكها قبل عملية الرصد (المراقبة) وبالتالي فالنتيجة أن الالكترون إذا لم تتم مراقبته سوف يكون في أي مكان ممكن أن يكون فيه في نفس الوقت !
يعني وكما رأينا في التجربة سوف يدخل من الشق الاول فقط .. وفي نفس الوقت يدخل من الشق الثاني فقط .. وفي نفس الوقت يدخل من الشقين معا .. وفي نفس الوقت لا يدخل من أي شق .. وفي نفس الوقت يدخل من الشق الاول بزاوية انحراف 45 درجة .. وفي نفس الوقت يدخل من الشق الثاني بزاوية 35 درجة .. وفي نفس الوقت يدخل من الشقين معا بزاوية انحراف 10 درجة .. وهكذا سوف يسلك كل الخيارات المتاحة له وسوف يحقق كل الاحتمالات المتوقعة في نفس اللحظة !!
هذه الظاهرة "وجود الإلكترون في كل مكان" يسميها علماء ميكانيكا الكم بظاهرة أو حالة superposition (التراكب الكمي) .
ومن هنا جاءت فكرة نظريةالاكوان المتعددة التي تقول بأنه يوجد عدد لا نهائي من الاكوان .. وفي كل كون هناك احد الاحتمالات الممكنة لكل موجود في كوننا هذا (او بعبارة اخرى كل ما كان ممكن ان يحدث هنا في كوننا هو يحدث في احد هذه الاكون اللانهائية) ولعلنا نتطرق لشرح هذه النظرية في موضوع اخر ان شاء الله .
إذا الاكترونات تستطيع ان تغيير سلوكاتها بحسب الرصد وتتشكل في صورة احتمال واحد فقط معين لمجرد رصدنا لها وبحسب نظرية الكم فإنه لو استطعنا التحكم في طريقة رصدنا للإلكترون سوف نستطيع اجباره على اتخاذ سلوك معين او بعبارة اخرى اذا استطعنا فعلا التحكم في عملية مراقبة ورصد الإلكترون فسوف نستطيع جعل الإلكترون يتجسد في الاحتمال الذي نريده !
طيب دعونا نقفز الى مدى ابعد ونسأل أنفسنا سؤال محدد .. ماذا استفدنا من هذه التجربة ؟؟
يقول احد علماء فيزياء الكم في محاضرة معلقاً على تجربة الشق المزدوج:
يمكن لنا أن نستخلص من كل هذا حقيقة واحدة وهي أن "الواقع من صنع وعينا وعقلنا"
وبالتالي كل مانراه ونسمعه ونحسه ونتذوقه ونشعر به في هذا الكون هو في الحقيقة مجرد اشياء يصنعها عقلنا ووعينا من بين ملايين او ملايير او مالانهاية من الاحتمالات لوجود أشياء اخرى كانت محتملة الحدوث في واقعنا غير ما حدث بالفعل وأدركناه نحن في هذا الواقع !!
يعني كونك الآن تقرأ هذه المقالة على شباب ويب هو بسبب وعيك وعقلك ولولا وعيك هذا لكنت الآن تشاهد عدد لا نهائي من المقالات المتنوعة والمختلفة تماما عن بعضها البعض حول هذا الموضوع المدهش !! ... لا عليك سوف تتضح الأمور اكثر فأكثر فقط واصل قراءة هذا الموضوع الطويل والشامل ..
إذا فالكون هو عبارة عن احتمالات كثيرة ولا نهائية غير مادية ورصدنا للكون يجعل هذه الاحتمالات تتجسد في احتمال ماديواحد ، وهذا الرصد او المراقبة او المشاهدة او التعاطي يكون بالعقل ويدرك بالوعي وبالتالي فإن عقلنا هو المتحكم في كل الواقع الذي نعيشه !
استكمال تجربة الشق المزدوج:
من اجل دراسة وفهم سلوك الالكترون أكثر وأكثر قام العلماء بإضافة حركة ذكية على تجربة الشق المزدوج هذه ليعرفوا مدى تأثير عملية الرصد على سلوك الإلكترون ، فتركو الالكترون يمر بدون رصد عبر الشق المزدوج ثم قبل أن يصل الى الشاشة قاموا برصده .. وطبعا نتيجة الإلكترون هنا ستكون معروفة وهي أنه سوف يسلك سلوك الموجة لأنه دخل من كلا الفتحتين وحقق كل الاحتمالات الرياضية (ظاهرة التراكب الكمي) وبالتالي من المفروض أنه سوف يرسم لنا على الشاشة مجموعة من الخطوط (كدالة موجية)
ولكن وياللعجب فإن الإلكترون حتى بعد ما تجاوز الشقين في شكل موجة تحول الى جسيم وتجسد في حالة واحدة فقط عند حدوث الرصد
وهذا معناه أننا من خلال عملية الرصد هذه استطعنا التأثير على ماضي الالكترون وليس فقط على حاضره ..
ولكي أبسط هذا المعنى تصورو معي أنه عندنا غرفة لها اربعة ابواب فقط باب شمالي وباب جنوبي وباب شرقي وباب غربي وقام شخص بالخروج من الباب الغربي فهنا بالتأكيد سوف يكون هذا الشخص بعد خروجه من الباب الغربي في غرب الغرفة وتكون الغرفة في شرقه .. ولكن في حالة الإلكترون فإنه إذا لم نراقبه فسوف يخرج في نفس الوقت من جميع الابواب الاربعة ويكون في غرب وشرق وجنوب وشمال الغرفة في نفس الوقت وهذا بسبب حالة التراكب الكمي التي يتميز بها ولكن لو أننا رصدناه قبل خروجه فإنه سوف يختار باب واحد فقط ويخرج منه ولا يخرج من غيره وبالتالي يكون في موضع واحد فقط حسب الباب الذي خرج منه (اذا خرج من الجنوب سيكون في جنوب الغرفة والغرفة في شماله) ولكن العجيب هو أننا حين لا نرصده فنتركه يخرج من جميع الابواب وبعد خروجه مباشرة نقوم برصده عند احد الابواب فحينها سوف يختفي من جميع الاماكن الثلاثة ويتجسد فقط في مكان واحد وهو اما الباب الذي رصدناه عنده !
وهذا هو معناه انهيار الدالة الموجية للإلكترون وهذا معناه ايضا اننا أثرنا على ماضيه فهو قد خرج بالفعل من جميع الأبواب ولكننا محونا تلك الحركة برصدنا له في حالة معينة فقط .
ومن هنا ظهرت نظرية التأثير بأثر رجعي او retro causality Theoryفي عالم الكم وهي التأثير في ماضي الالكترون !
طبعا كثيرا ما نسمع التأثير في المستقبل او تغيير المستقبل ولكن تغيير الماضي الذي حدث بالفعل هذه ايضا احدى عجائب نظرية الكم، ولإثبات ذلك قام العلماء بإجراء تجربة ذكية جدا لمعرفة مدى قدرتنا على التأثير في ماضي الإلكترون ولختبار نظرية retrocausalityاو الأثر الرجعي
تجربة retrocausality :
شرح التجربة بإختصار:
- 1. أطلقنا شعاع من الإلكترونات وتركناه يدخل في كريستالة زجاجية .
- 2. هذه الكرستالة تقوم بتقسيم شعاع الإلكترونات الى قسمين قسم يخرج من ناحية اليمين وقسم يخرج من ناحية الشمال (يعني جزء من الإلكترونات يخرج من اليمين وجزء يخرج من الشمال في نفس الوقت بفضل هذه الكريستالة) .
- 3. نأخذ الآن كل جزء ونطبق عليه تجربة الشق المزدوج على حدى .
- 4. أول شعاع سيعبر من الشق المزدوج بشكل عادي (لأننا لم نرصده) ثم يستمر ويصل الى الشاشة والطبيعي أنه سيظهر شكل تداخل (لأننا لم نرصده) وبالتالي هو ظل موجة ولم يتحول الى جسيم (ولكن هنا نحن لن ننظر للشاشة لأننا نعرف مسبقا النتيجة وهي أنه تداخل) .
- 5. نذهب الآن الى الشعاع الآخر الذي سيعبر من الشق المزدوج بشكل عادي ايضا ولكن هنا نحن عملنا على تطويل مساره قبل ان يصل الى الشاشة ، فقمنا بإضافة سلك معدني بطول 6.2 ميل (أي حوالي 10 كم) وهذا ما سيجعل هذا الشعاع يتأخر عن الشعاع الأول بحوالي بضع اجزاء من الثانية .. ونواصل التجربة بشكل عادي نتتبع الشعاع الى أن يصل الى الشاشة وقبل ان يصل الى الشاشة نقوم برصده وحينها سوف يتجسد في شكل واحد فقط ويتحول الى جسيم ويعطينا نقطة واحدة على الشاشة (شكل جسيم عادي) .
- 6. والعجيب الآن هو أننا لما نذهب لمشاهدة النتيجة المسجلة على الشاشة (1) لن نرى تداخل إنما سنرى جسيم !!
مما يعني أن الشاشة حتى وبعد ان سجلت تداخل (في الماضي) تحولت وسجلت جسيم بعد رصدنا للشعاع الثاني (في الحاضر) وهكذا تأثر الماضي بالحاضر !!
فسبحان الله كيف أن نتيجة الشعاع الاول اعتمدت على نتيجة الشعاع الثاني ؟
وكيف أن الإلكترون تأثر بما حدث له في الماضي وتحول الى جسيم لأنه علم أن احد ما قد راقب ماضيه ؟
لا يوجد سوى تفسير واحد (وهو غير منطقي تماما) وهو أن الشعاع الثاني لما رصدناه واصبح جسيم عاد (في ظرف لازمن !!) الى الكريستالة ثم الى المصدر واخبر الشعاع الأول بأننا سوف نقوم برصده وأن عليه التجسد في شكل جسيم !!
وهذا معناه ان الحاضر اثر على ماضي الشعاع وغير نتيجته !
إذا يمكننا القول كخلاصة للتجربة أنه بإمكاننا التأثير على الماضي وعلى الحاضر وعلى المستقبل في هذه اللحظة !
يعني يمكنك تغيير ماضيك بالتأثير على حاضرك او مستقبلك او تغيير حاضرك بالتأثير على مستقبلك أو تغيير مستقبلك بالتأثير على ماضيك .... الخ وكل ذلك يمكنك فعله الآن إذا استطعت التحكم في عملية الرصد أو الوعي ، والوعي هذا هو اللغز الحقيقي الذي عجزت ميكانيكا الكم لحد الآن أن تجد له تفسير او فهم دقيق لحقيقته .
الماضي والحاضر والمستقبل ومعضلة الإدراك البشري:
هناك حقيقة مثبتة علميا تقول بأنه لا يوجد في الكون حاضر وماضي ومستقبل بشكل متتالي كما نسلم بذلك نحن ، بل كل ذلك موجود في آن واحد ولكننا نحن البشر نعجز عن ادراك هذه الأحداث مجتمعة إنما ندركها فقط ضمن بعد الزمن الذي يجعلنا مقيدين بالتتالي والتسلسل ولا يسمح لنا بإلقاء نظرة على كل الإحداث إلا من خلال بعد زمني محدد بظروف زمنية معروفة وهي الماضي والحاضر والمستقبل .
مثال توضيحي:
لو أنك الآن في غرفة وتنظر الى الطريق من فتحة داخل هذه الغرفة تسمح لك برؤية جزء فقط من هذا الطريق وكان ثلاث اشخاص يمرون خلف بعضهم البعض على هذا الطريق وبين كل منهما مسافة 2 متر مثلا فبالنسبة لك سوف ترى الشخص الأول ثم بعد لحظات زمنية ترى الشخص الثاني وحينها يصبح الشخص الأول من الماضي والثاني الذي تراه الآن امامك حاضر ام الشخص الثالث الذي لم تره بعد فسوف تراه بعد لحظات (أي في المستقبل) بينما لو أن هناك شخص خارج الغرفة ويرى الطريق بكاملها فالبنسبة له سوف يراهم جميعا في نفس الوقت (أي يرى الحاضر والمستقبل والماضي معاً) وهذا هو تقريبا جوهر النظرية النسبية لآينشتاين أي أن الأحداث بالنسبة لك تختلف عن الأحداث بالنسبة لشخص آخر او لمعلم آخر .
لذلك فنحن البشر دائما مقيدون بمشكلة النسبية والإدراك الكلي للأشياء والحقائق بحكم شروطنا البشرية ولعلنا نعود لشرح هذا المعنى في موضوع آخر ان شاء الله ، المهم أن نعلم الآن أن الحاضر والماضي والمستقبل موجودين الآن في نفس الوقت وأنت بمجرد ادراكك لشيء ما يصبح بعد لحظات من الماضي ويعود لمجرد احتمالات بحسب نظرية الكم طبعا .
معضلة القياس في ميكانيكا الكم:
علماء ميكانيكا الكم اكتشفوا حقيقة رهيبة وهي أنهم كلما قاموا بتكرار تجربة في ميكانيكا الكم يحصلون على نتائج مختلفة تماما عن نتائج التجارب المماثلة لها رغم أن نفس الخطوات يكرورنها وبشكل دقيق جدا ولكن دائما النتائج تختلف بشكل كبير جدا ، ودائما الإلكترون او الجسيم يكون موجود في موقع آخر غير الموقع الذي كان فيه خلال التجربة السابقة !!
ولحد هذه اللحظة لا يوجد تفسير منطقي لهذه الظاهرة سوى التفسير الوحيد الذي يقول بأن الإلكترون كان موجود في كل مكان (في حالةsuperposition ) الى أن قمنا برصده فتحول الى حالة collapse (انهيار الدالة الموجية) وبالتالي تجسد في احتمال واحد فقط وكل مرة الإحتمال يختلف لأننا لانزال غير قادرين على التحكم في عملية الرصد كما قلنا سابقا .
تطبيق نظرية الكم على الاجسام الكبيرة (Macro particles):
نحن ذكرنا في أول الموضوع بأن النظرية الكمية أو ميكانيكا الكم تعمل فقط على الجسيمات الصغير Micro particles (او التحت ذرية) ولكن كلنا نعلم ان الاجسام الكبيرة مثل المجرات والنجوم والكواكب وحتى اجسامنا إنما تتكون من مجموعة ذرات فلماذا لا تنطبق عليها ميكانيكا الكم ؟
نظرياً هذا صحيح ، يمكن لميكانيكا الكم ان تعمل على الاجسام الكبيرة ايضا بحكم كونها تتألف من ذراتولكن عمليا هذا غير صحيح بل هو شيء مستحيل لكون هذه الاجسام محكومة بقوانين مثبتة علميا من الفيزياء الكلاسيكة وإذا صح هذا الإدعاء (إمكانية تطبيق النظرية الكمية على الماكرو بارتكل) فهذا معناه أننا ننسف ونلغي ونمحو كل الفيزياء الكلاسيكية والتي تعتبر أقوى العلوم الصلبة (العلوم الدقيقة والمضبوطة رياضياً ومنطقياً) والتي طالما افتخر بها الماديون وتغنى بها الملحدون بسبب كونها تعطي للإنسان أدوات فعالة للسيطرة او على الاقل لمعرفة أحداث الكون والتحكم في بعض الاشياء الخاضعة لمبدأ الحتمية والتي بدأت منذ نيوتن ولازالت تثبت نجاعتها في تفسير العديد من الظواهر في عالم الاجسام الكبيرة (الفوق ذرية) فليس من السهل محو كل ذلك بضربة واحدة اسمها ميكانيكا الكم !
معضلة الوعي في ميكانيكا الكم:
ذكرنا سابقا بأن ميكانيكا الكم هي تأثير الوعي على عملية الرصد وهذا التعريف المختصر والدقيق جدا كما رأينا يدخلنا في مشكلة كبيرة وهي "معضلة الوعي البشري" الذي يمثل أحد أكبر الألغاز في تاريخ البشرية وإلى حد الآن غير معروف ما هو مصدر الوعي، ولا كيف يعمل، ولا يوجد تعريف دقيق لما يسمى الذات و الوعي البشري وهذا ما يجعل نصف المعادلة التي تقوم عليها النظرية مجهول .
تجربة قطة شرودينجر:
من أغرب وأعجب وألطف التجارب التي أصبحت تقريبا بمثابة أيقونة لنظرية ميكانيكا الكم هي قصة قطة شرودينجر ، ورغم كونها مجرد تجربة خيالية (لم تطبق في الواقع) إلا أنها فعلا تقدم حقائق مدهشة وغير منطقية تماما عن تطبيقات ميكانيكا الكم ، والجميل فيها هو محاولة شرونينجر لتطبيق النظرية الكمية على الاجسام الكبيرة .. هذه التجربة الذكية حيرت والعلماء وصدعت رؤسهم لدرجة أن ستيفن هوكينغ قال عنها:
"إذا جاء إلي أحد وذكر لي قطة شرودينجر فسأرفع عليه بندقيتي"
تفاصيل التجربة:
تخيل العالم شرودينجر بأنه قام بوضع قطة داخل صندوق محكم الإغلاق ووضع معها مجموعة من الاشياء كالتالي:
- قطعة من مادة مشعة وافترض ان نصف عمرها 1 ساعة فقط .
- غاز سام في قارورة زجاجية (بحيث اذا استنشق القطة هذا الغاز فإنها تموت فورا) .
- مطرقة موجهة نحو القارورة .
- عداد غايغر لإستشعار وقياس درجة الاشعاع النووي مربوط بالمطرقة بحيث أنه اذا استشعر وجود أي اشعاع فسوف يتحرك العداد ويحرك المطرقة لتضرب القارورة فتنكسر القارورة ويخرج الغاز السام فتستنشقه القطة فتموت !!
طبعا كل شيء الآن يقوم على احتمالين (إما ان تتحلل ذرات المادة المشعة وإما أن لا تتحلل) حيث أن 50% من ذرات هذه المادة تتحلل وتتحول إلى أشعة نووية ونصفها الآخر أي 50%لا يتحلل وبالتالي إذا كانت الذرة من الجزء الذي يتحلل فسوف تموت القطة وإذا كانت من الجزء الذي لا يتحلل فسوف تعيش القطة .. يعني أن القطة إحتمال 50% تعيش واحتمال 50% تموت
طيب الآن نترك كل هذه الاشياء في الصندوق لمدة ساعة وبعد ساعة يكون احتمالان:
- يا إما الذرة تحللت وبالتالي القطة ماتت .
- يا إما الذرة لم تتحلل وبالتالي القطة حية .
ولكن مادام نحن لم نفتح الصندوق فالقطة سوف تبقى في الحالة الفائقة (سوبر بوزشن) تماما مثل حالة الإلكترون الذي شرحناه في تجربة الشق المزدوج وبالتالي القطة ستكون حية وميتة في نفس الوقت !
قصة فيغنر فريند (تكملة لقصة شرودينجر):
شرودينجر بعد ما عمل التجربة وفتح الصندوق تحولت القطة من حالة التراكب (ميتة وحية معا) الى الحالة الواحدة collapse (ولتكن ميتة مثلا) وهنا جاء احد اصدقاءه أسمه ديغنر وسأل شرودينجر هل القطة حية ام ميتة ؟
وقبل أن يجيب شرودينغر كانت القطة بالنسبة لفيغنر في الحالة الفائقة او حالة التراكب الكمي (superposition) وهنا جاء واحد ثالث وسأل فيغنر هل القطة حية ام ميتة ؟
وقبل أن يجيب فيغنركانت القطة بالنسبة لهذا الشخص في الحالة الفائقة (superposition) ايضا .. وبالتالي اصبحت القطة بالنسبة لفيغنر حية وميتة في نفس الوقتوبالنسبة لشرودنجر هي حية او ميتة وبالنسبة لصديق فيغنر هي ايضا حية وميتة !!
ملخص الموضوع:
الماضي موجود بكل احتمالاته ، الحاضر موجود بكل احتمالاته ، المستقبل موجود بكل احتمالاته .. الماضي والحاضر والمستقبل موجودين مع بعضهم الآن وحدثوا ويحدثون ولم يحدثوا مطلقا !
بعبارة اخرى أنت ولدت ولم تولد ، انت حي وميت ، انت دكتور ومهندس ورئيس جهورية ، أنت في الجزائر واليابان ومكة والمكسيك وفي كل مكان !
وكل هذه الاحداث حصلت معا في نفس الوقت وكلها حصلت لك وتحصل لك ولم تحصل لك !!
ولو استطعنا التحكم في الوعي لأستطعنا التحكم في عملية الرصد بالكامل وبالتالي نستطيع التحكم في النتيجة التي نريدها (وبالتالي ستختار أن تكون دكتور وساكن في ألمانيا مثلا وعمرك 20 سنة وعندك سيارة مارسيداس لونها اسود فاتح وكل ماتريد !!) طبعا مع وجود بعض الإختلافات تحدثنا عنها في شرحنا لنظرية الأكوان المتعددة .
وكل هذا ليس كلامي إنما كلام العلم والمنطق الذي يقوم على التجربة والإثبات
فهل نحن فعلا (كما يبدو) على وشك أن نصل الى إكتشاف حقائق جديدة لا تغيير فقط نظرتنا للعالم المادي ولكن تطور لدينا اساليب جديدة ومختلفة تماما عن الأدوات العلمية التي كنا نعتمدها في فهم العالم (كالمنطق والحتمية وغيرها) ؟
وما هو مصير نرجسية الإنسان القائمة على المادية العلمية ؟
وهل سنصل في يوم ما الى ادراك او تفسير حقائق روحانية وظواهر غير طبيعية إعتمادا على ميكانيكا الكم ؟